مرت الأيام ثقيلة ولم نسمع شيئا يعطي أملا في الحياة إلى أن تلقينا مفاجأة لقاء الحسن الثاني بالشاذلي بنجديد في "زوج بغال".بعد ذلك اللقاء بدأنا نقرأ في وجوه السجانين نوعا من التغير حيث كلما رأوا الجلاد يضربنا بالكرباج نهوه أو نهروه.وفي تلك الأيام اختاروني وشخصا آخر للعمل منظفين لدى عمر الحضرمي فعثرنا على مجلة "الوطن العربي" وبها مقال عنوانه "لقاء الحسن الثاني وبنجديد يطوي ملف جبهة البوليساريو"، وأغلب الظن أن الحضرمي ترك تلك المجلة لنا عمدا لنطلع على ما فيها فحملتها لرفاقي وعلى رأسهم الدكتور محمد أوصفصاف الذي فرح بها مثل باقي الضباط.
لكن للأسف بنجديد كان ضعيفا أمام العسكر من أمثال لامين زروال والعماري وباقي الطغمة المتنفذة.ناقشنا اللقاء بين ملك المغرب والرئيس الجزائري بعقل وتساءلنا ما إذا كانت ستترتب عنه نتائج إيجابية في ظل تعنت المرتزقة وتشدد مواقفهم التي نعيشها في شكل تعذيب وإهانات يومية.وبالفعل لم يتغير شيء على الميدان.كما وجدنا في الصحيفة نفسها تصريحا مشتركا للشريف مساعدية وعبد الحميد مهري يؤكدان خلاله على ضرورة عدم التخلي عن الشعب الصحراوي وضرورة تصفية الصحراء من الاستعمار،وقد قالا ذلك طبقا للجنة عمياء كونتها الأمم المتحدة تدعى "لجنة تصفية الاستعمار"، وقد كان الأولى أن تسمى "لجنة تصفية المرتزقة والإرهاب" لأن أرض الجزائر ومعتقلاتها ومواقع بيزات هي المصادر الحقيقية للقمع والإرهاب والتصفيات وانتهاك حقوق الإنسان.البشر يموت مثل الذباب ولاقيمة لأرواح تزهق يوميا دون أن يكترث لها هذا العالم الأصم الأعمى الذي عليه أن يذهب إلى جنوب تندوف حيث يختطف الأبرياء ويذبحون كالخرفان، إن لم يكن هذا هو الإرهاب فإني لا أعرف تعريفا آخر له.ومن أبشع صور القتل أنهم اعتقلوا يوما شخصا وزوجته وجاء بهما كل من علي شقيق ابراهيم غالي وخندود وعبد الودود الفري والمحفوظ وولد البرناوي إلى الدخيلة.
وضعوا المرأة فوق حفرة عمقها أكثر من أربعة أمتار تحت شمس حارقة وبدؤوا يعذبون زوجها عاريا على مرأى منها. كانوا يكوون الرجل بالنار فلم تتحمل تلك التعيسة ذلك المشهد فألقت بنفسها في الحفرة فسقطت على رأسها فماتت على الفور ومات الجنين ببطنها وبعد ذلك قاموا بقتل الزوج فصفوا أسرة بأكملها. هذا ما حكاه لنا محمد امبارك والملقب ب "نني" ويعيش الآن في العيون و كان يشتغل كاتبا لعمر الحضرمي ونفس القصة حكاها لنا ابراهيم ولد خروب، الذي كان سائقا للحضرمي، وابراهيم هذا من بني عمومة الحضرمي ووالده بيه ولد خروب ،عم الحضرمي ،كان قاضيا ولما عاد الحضرمي للمغرب أهانوه واعتقلوا ابنته البيهية فمات غيظا وكمدا.وقد حكي لنا هذا الأمر كسر وطلب منا أن نكتمه أيام الأسر.
وإني أكاد أجزم أن سجن الدخيلة أو ما يسمى مركز الرشيد السري من أبشع السجون في العالم ومن دخل إليه يجب ألا يعود إلى الحياة لسبب بسيط هو أنهم يحرصون على ألا تخرج أسرار الإرهاب الجزائري। وهذا السجن الرهيب لا يدخله أيا كان بل يقتصر أمر زيارته على الكابران محمد عبد العزيز و ستة ضباط جزائريين وقائد ناحية تندوف ومن أكبر السفاحين في الدخيلة ميسى ولد لغزال الذي لا يعيد من وقع بين يديه ليسير فوق الأرض مرة أخرى بل يلحقه بالعالم الآخر، وهو واحد من أكبر مزهقي أرواح عباد الله الأبرياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق